المدمنين المجهولين
اينما نظرت إلي وجه صديقي العائد من رحلة العزلة الاختيارية، تأكدت انه غسل روحه تماما، كما غسل جسده من السموم التي تشبعت منه. وتشبع منها إلي حد الموت المحقق، عاد وهو فاتح ذراعيه للدنيا التي تركته، قرر أن يتعلم مهارات الحياة من جديد، كالطفل الذي يتعلم المشي واللعب والحديث بين الناس دون خجل.. عاد إلينا من جديد تاركا شكله وصفاته التي صبغها الإدمان علي ملامحه الأصلية.
ومن خلال رحلة العودة، كشف لنا عن محطات خطيرة ساعدته في عبور هذه الأزمة، وكان من بينها " زمالة المدمنين المجهولين".. توقفت قليلا عند هذا الاسم الموحي وسألته عنه فحكي لي باستفاضة، بالاضافة إلي اننا حصلنا علي النص الأساسي الذي ترجع اليه زمالة المدمنين المجهولين باعتبارها الدستور الرئيسي لهم.
وبتصفح الكتاب تأكدت أننا أمام عالم متكامل أو مجتمع صغير تدار شئونه بحرفية عالية، وإدارة شديدة التنظيم.
تقوم «الزمالة» علي فكرة بسيطة جدا وهي أن يعالج المدمن مدمن آخر اقلع عن التعاطي منذ فترة.
لا يوجد تاريخ محدد لتأسيس أول مجموعة مصرية للمدمنين المجهولين، ولكن المعلومات تشير إلي أن هذه المجموعات بدأت العمل مع بداية عام 2000، لكنها لم تعمل بفعالية إلا في السنوات الثلاث الأخيرة وانضم إليها عدد كبير من الشباب الأمر الذي أدي إلي تنظيم جدول يومي في 30 مقراً في القاهرة والإسكندرية والمنصورة ودمياط.
استطاعت زمالة المدمنين المجهولين في مصر المعروفة باسم NA أن تنشئ لنفسها نظاماً خاصاً، وطابعاً خاصاً وحتي العبارات المستخدمة داخل هذا المجتمع الصغير ابتكرها المدمنون للتواصل فيما بينهم للتعبير عن أزماتهم المشتركة، فداخل الزمالة لا يخجل المدمن لأن كل من حوله كانوا مدمنين وتعافوا أو يحاولون التعافي، وبالتالي تخلصوا جميعا من الأزمة التي كانوا يواجهونها في المجتمع، الذي كان ينظر اليهم باعتبارهم كائنات مفزعة يجب البعد عنها.
وللمحافظة علي قوة الزمالة سن مؤسسوها 12 قاعدة اكدوا فيها أن حرية العضو تتحقق عن طريق حرية المجموعة، وهذه القواعد هي: المحافظة علي مجهولية اعضاء الزمالة خاصة فيما يتعلق بالنشر في الصحافة والسينما، فالمجهولية هي الأساس الروحي لهذه الزمالة كما أكد الكتاب، لا توجد سلطة عليا في تقرير مصير مجموعات الزمالة، فمن حق كل مجموعة رسم خطة عملها كما تريد دون الاعتماد علي المساهمات الخارجية، ويضيف الكتاب قواعد أخري مثل عدم استخدام اسم "المدمنين المجهولين" في القضايا الخارجية او في جدل علني، بالاضافة إلي أن اعضاء هذه الزمالة ينضمون إليها بصرف النظر عن جنسهم ولونهم او عقيدتهم. كما أن الزمالة لا تهدف للربح وليس لديها رسوم او أتعاب، ومن يريد التبرع للزمالة من الاعضاء فقط، تقبل تبرعه، ومن لا يستطيع لا يجبره أحد علي ذلك. فالمدمنون المجهولون لا يقبلون التبرعات من خارج الأعضاء سواء من أشخاص او من مؤسسات خيرية واجتماعية.
تبدأ زمالة المدمنين المجهولين في العمل، في الوقت الذي يعترف فيه المدمن بأنه مريض، فطبقا لقواعد الزمالة، فإن غالبية المدمنين لا يعرفون انهم مرضي إلا بعدما يفقدون رغبتهم في الحياة تماما، ويسكنهم اليأس، فيقرر المدمن الانتحار او إيذاء احد من احبائه أو افراد عائلته. عندئذ يصل المدمن إلي زمالة المدمنين المجهولين عبر بعض الوسائط، فكما تحولت عمليات الإدمان إلي سلسلة تنتشر عبر وسطاء، يمكن للتعافي أن يتم بنفس الأسلوب، حيث يختار المدمن " الغرفة " التي يبدأ من خلالها العلاج، وهو الاسم الذي يطلق علي الأماكن التي يجتمع فيها اعضاء زمالة المدمنين المجهولين، حيث يختار العضو الجديد الغرفة التي تناسب ظروف سكنه أو عمله طبقا للمواعيد والأماكن التي يحددها جدول الجلسات.
والعضو الجديد في هذه الزمالة يطلق عليه اسم " نيو كمر " فيحضر الجلسات الأولي بعد التعريف باسمه إن أراد، ويتم الترحيب بالعضو الجديد بشكل خاص، فكما تقول أدبيات الزمالة فإن العضو الجديد يصبح أهم شخص في الجلسة نظرا لمعاناته المباشرة بالإدمان، ومن خلال الجلسة الأولي يتعرف " النيو كمر " علي زملائه، فهذه الجلسات يديرها شخص من الذين قاموا بعمل " مدة " أي قضوا سنوات طويلة دون إدمان، فتبدأ الاجتماعات بعرض فقرات من كتاب المدمنين المجهولين ثم تبدأ المناقشات المفتوحة بين أعضاء الجلسة، فهناك نوعان من الجلسات، الأولي تكون مفتوحة لأعضاء الزمالة والثانية يطلقون عليها "كابتسي ميتنج " أي جلسات مغلقة علي عدد معين من الأفراد ممن يكون لديهم مشكلة في عرض مشكلاتهم أمام جموع الحاضرين.
وبعد عدد من الجلسات الأولي يختار لنفسه " ريسبونسر " أي مسئول عنه خلال رحلة التعافي، وتتحدد مهام هذا المسئول في رعاية " النيو كمر " والإشراف علي عملية التخلص من الإدمان بالإضافة إلي المتابعة اليومية لحالة المدمن، خاصة في تنفيذه الـ 12 شرطاً التي وضعتها زمالة المدمنين المجهولين للشفاء من الإدمان.
كورس التعافي من الإدمان في هذه الزمالة، يعتمد علي حضور " النيو كمر" لـ90 جلسة متتالية في 90 يوماً مع الملاحظة الدقيقة لحالة المريض خلال هذه الأيام ومراقبة تصرفاته للتأكد من تنفيذه الخطوات الاثنتي عشرة.
يدخل المدمن حروبا شديدة مع ذاته، خاصة في الأيام الأولي من التوقف عن الإدمان، ففي الخطوة الأولي لابد أن يعترف المدمن بأنه أصبح بلا قوة أمام إدمانه، وانه لا يستطيع ادارة شئون حياته، وبالتالي يفتح المدمن ابواب المساعدة لقوي أخري، ففي الخطوة الثانية لابد أن يبحث المدمن عن شيء يملأ حياته بعد انقطاعه عن الإدمان، خاصة انه في هذه الفترة يدرك معني التخلص من التعاطي. فيحاول أن يبحث عن قوة أعظم، فالبعض يري أن هذه القوة هي الله، الخطوة الثالثة أن يفتح المدمن الباب لقوة اعظم من نفسه وذاته الضيقة.
أما الخطوة الرابعة فيصفها الكتاب بأنها كانت نقطة تحول كبيرة في حياة المدمنين الذين تعافوا، لأنها تعتمد علي أن يقوم المدمن بعمل جرد لنفسه ولأخلاقه خلال فترة التعاطي، وتبدأ حالة الجرد هذه بكتابة ما يراه المدمن في نفسه بكل صدق، ولكن دون جلد للذات فلابد أن يظهر المدمن في ذاته بعض النقاط الإيجابية حتي تكون دافعاً له في مشروع التعافي. الخطوة الخامسة بعد ذلك تتعلق باستكمال الخطوة الرابعة بعد عرض المدمن ذاته علي الورق، حيث يبدأ بحصر مشكلاته ومحاصرة هذا الجزء المخزي من ماضيه، شريطة أن لا يلقي بهذه المكاشفات في احد الأدراج، فهذه العيوب تنمو في الظلام فقط، لكن الضوء يقتلها. وخلال الخطوة الخامسة لابد أن يختار المدمن شخصا من الخارج او عضواً من اعضاء الزمالة " رسبونسر " حتي يتابع تنفيذ الخطوة الرابعة والخامسة، فعندما يسرد المدمن تجربته ويعرضها علي الورق علي آخرين، يكتشف كل من القارئ والمستمع انهما لم يكونا أفراداً في عالم معزول.
الخطوة السادسة هي التي يقوم بها المدمن حين يتخلص جزئيا من بعض عيوبه، فلابد أن يواجه المدمن مشكلاته بقلب منفتح، دون أن يضع لنفسه توقعات كبيرة عن تجاوزه لهذه المشكلات حتي لا يصدم من نتائج الخطوات السابقة. لذا نجد أن الخطوة السابعة تعتمد علي طلب العون من الله او طلب العون من بعض اعضاء الزمالة دون التكبر علي ذاتنا وأمكاناتنا.
الخطوة الثامنة تحتاج من المدمن مكاشفة اكثر، لأنه يقوم بعمل قائمة بالأشخاص الذين ألحق بهم الأذي خلال رحلة ادمانه وأصبح قادراً علي تقديم اعتذارات وتقديم العون لهم خلال المرحلة المقبلة من حياته، فمن المفترض أن يتخلص الفرد من عقدة الذنب التي تطارده اثناء التفكير في أهله واصدقائه ومحبيه. وهذا ما تستكمله الخطوة الثامنة.
الخطوتان العاشرة والحادية عشرة تتحدد أن في مراجعة عمليات الجرد التي يقوم بها المدمن لنفسه ولاعترافاته السابقة حتي يجد نفسه خفيفا وكأنه غسل روحه مع ضرورة تأمل كل ما فات عليه من مراحل. اما الخطوة النهائية في هذه الرحلة فهي تحقق صحوة روحية نتيجة تطبيق الخطوات السابقة. وهذه الصحوة تتخذ اشكالا متعددة.
أما مصادر تمويل خطط زمالة المدمنين المجهولين، فهي تعتمد علي الموارد الذاتية للأعضاء الذين يحضرون الجلسات، ففي كل جلسة يتم وضع صندوق بين المجتمعين، كي يضع فيه الحاضرون ما يقدرون عليه، وفي النهاية يجمع مسئول اليوم هذه الأموال ليوردها إلي " ضمير المجموعة" والذي يضم عدداً من الأفراد الذين الذين يرون في انفسهم القدرة علي ادارة شئون المجموعات المالية، ويعقد " ضمير المجموعة " اجتماعا كل فترة يسمي " بيزنس ميتنج " لعرض النقود الواردة من خلال الجلسات كما توضع خطة الصرف علي انشطة الزمالة المختلفة مثل تأجير الغرف وطباعة الجداول والكتيبات، بإلاضافة إلي الكتاب السنوي الذي يعتبر الدستور الأساسي لزمالة المدمنين المجهولين.
المصدر: علاج الادمان
اينما نظرت إلي وجه صديقي العائد من رحلة العزلة الاختيارية، تأكدت انه غسل روحه تماما، كما غسل جسده من السموم التي تشبعت منه. وتشبع منها إلي حد الموت المحقق، عاد وهو فاتح ذراعيه للدنيا التي تركته، قرر أن يتعلم مهارات الحياة من جديد، كالطفل الذي يتعلم المشي واللعب والحديث بين الناس دون خجل.. عاد إلينا من جديد تاركا شكله وصفاته التي صبغها الإدمان علي ملامحه الأصلية.
ومن خلال رحلة العودة، كشف لنا عن محطات خطيرة ساعدته في عبور هذه الأزمة، وكان من بينها " زمالة المدمنين المجهولين".. توقفت قليلا عند هذا الاسم الموحي وسألته عنه فحكي لي باستفاضة، بالاضافة إلي اننا حصلنا علي النص الأساسي الذي ترجع اليه زمالة المدمنين المجهولين باعتبارها الدستور الرئيسي لهم.
وبتصفح الكتاب تأكدت أننا أمام عالم متكامل أو مجتمع صغير تدار شئونه بحرفية عالية، وإدارة شديدة التنظيم.
تقوم «الزمالة» علي فكرة بسيطة جدا وهي أن يعالج المدمن مدمن آخر اقلع عن التعاطي منذ فترة.
لا يوجد تاريخ محدد لتأسيس أول مجموعة مصرية للمدمنين المجهولين، ولكن المعلومات تشير إلي أن هذه المجموعات بدأت العمل مع بداية عام 2000، لكنها لم تعمل بفعالية إلا في السنوات الثلاث الأخيرة وانضم إليها عدد كبير من الشباب الأمر الذي أدي إلي تنظيم جدول يومي في 30 مقراً في القاهرة والإسكندرية والمنصورة ودمياط.
استطاعت زمالة المدمنين المجهولين في مصر المعروفة باسم NA أن تنشئ لنفسها نظاماً خاصاً، وطابعاً خاصاً وحتي العبارات المستخدمة داخل هذا المجتمع الصغير ابتكرها المدمنون للتواصل فيما بينهم للتعبير عن أزماتهم المشتركة، فداخل الزمالة لا يخجل المدمن لأن كل من حوله كانوا مدمنين وتعافوا أو يحاولون التعافي، وبالتالي تخلصوا جميعا من الأزمة التي كانوا يواجهونها في المجتمع، الذي كان ينظر اليهم باعتبارهم كائنات مفزعة يجب البعد عنها.
وللمحافظة علي قوة الزمالة سن مؤسسوها 12 قاعدة اكدوا فيها أن حرية العضو تتحقق عن طريق حرية المجموعة، وهذه القواعد هي: المحافظة علي مجهولية اعضاء الزمالة خاصة فيما يتعلق بالنشر في الصحافة والسينما، فالمجهولية هي الأساس الروحي لهذه الزمالة كما أكد الكتاب، لا توجد سلطة عليا في تقرير مصير مجموعات الزمالة، فمن حق كل مجموعة رسم خطة عملها كما تريد دون الاعتماد علي المساهمات الخارجية، ويضيف الكتاب قواعد أخري مثل عدم استخدام اسم "المدمنين المجهولين" في القضايا الخارجية او في جدل علني، بالاضافة إلي أن اعضاء هذه الزمالة ينضمون إليها بصرف النظر عن جنسهم ولونهم او عقيدتهم. كما أن الزمالة لا تهدف للربح وليس لديها رسوم او أتعاب، ومن يريد التبرع للزمالة من الاعضاء فقط، تقبل تبرعه، ومن لا يستطيع لا يجبره أحد علي ذلك. فالمدمنون المجهولون لا يقبلون التبرعات من خارج الأعضاء سواء من أشخاص او من مؤسسات خيرية واجتماعية.
تبدأ زمالة المدمنين المجهولين في العمل، في الوقت الذي يعترف فيه المدمن بأنه مريض، فطبقا لقواعد الزمالة، فإن غالبية المدمنين لا يعرفون انهم مرضي إلا بعدما يفقدون رغبتهم في الحياة تماما، ويسكنهم اليأس، فيقرر المدمن الانتحار او إيذاء احد من احبائه أو افراد عائلته. عندئذ يصل المدمن إلي زمالة المدمنين المجهولين عبر بعض الوسائط، فكما تحولت عمليات الإدمان إلي سلسلة تنتشر عبر وسطاء، يمكن للتعافي أن يتم بنفس الأسلوب، حيث يختار المدمن " الغرفة " التي يبدأ من خلالها العلاج، وهو الاسم الذي يطلق علي الأماكن التي يجتمع فيها اعضاء زمالة المدمنين المجهولين، حيث يختار العضو الجديد الغرفة التي تناسب ظروف سكنه أو عمله طبقا للمواعيد والأماكن التي يحددها جدول الجلسات.
والعضو الجديد في هذه الزمالة يطلق عليه اسم " نيو كمر " فيحضر الجلسات الأولي بعد التعريف باسمه إن أراد، ويتم الترحيب بالعضو الجديد بشكل خاص، فكما تقول أدبيات الزمالة فإن العضو الجديد يصبح أهم شخص في الجلسة نظرا لمعاناته المباشرة بالإدمان، ومن خلال الجلسة الأولي يتعرف " النيو كمر " علي زملائه، فهذه الجلسات يديرها شخص من الذين قاموا بعمل " مدة " أي قضوا سنوات طويلة دون إدمان، فتبدأ الاجتماعات بعرض فقرات من كتاب المدمنين المجهولين ثم تبدأ المناقشات المفتوحة بين أعضاء الجلسة، فهناك نوعان من الجلسات، الأولي تكون مفتوحة لأعضاء الزمالة والثانية يطلقون عليها "كابتسي ميتنج " أي جلسات مغلقة علي عدد معين من الأفراد ممن يكون لديهم مشكلة في عرض مشكلاتهم أمام جموع الحاضرين.
وبعد عدد من الجلسات الأولي يختار لنفسه " ريسبونسر " أي مسئول عنه خلال رحلة التعافي، وتتحدد مهام هذا المسئول في رعاية " النيو كمر " والإشراف علي عملية التخلص من الإدمان بالإضافة إلي المتابعة اليومية لحالة المدمن، خاصة في تنفيذه الـ 12 شرطاً التي وضعتها زمالة المدمنين المجهولين للشفاء من الإدمان.
كورس التعافي من الإدمان في هذه الزمالة، يعتمد علي حضور " النيو كمر" لـ90 جلسة متتالية في 90 يوماً مع الملاحظة الدقيقة لحالة المريض خلال هذه الأيام ومراقبة تصرفاته للتأكد من تنفيذه الخطوات الاثنتي عشرة.
يدخل المدمن حروبا شديدة مع ذاته، خاصة في الأيام الأولي من التوقف عن الإدمان، ففي الخطوة الأولي لابد أن يعترف المدمن بأنه أصبح بلا قوة أمام إدمانه، وانه لا يستطيع ادارة شئون حياته، وبالتالي يفتح المدمن ابواب المساعدة لقوي أخري، ففي الخطوة الثانية لابد أن يبحث المدمن عن شيء يملأ حياته بعد انقطاعه عن الإدمان، خاصة انه في هذه الفترة يدرك معني التخلص من التعاطي. فيحاول أن يبحث عن قوة أعظم، فالبعض يري أن هذه القوة هي الله، الخطوة الثالثة أن يفتح المدمن الباب لقوة اعظم من نفسه وذاته الضيقة.
أما الخطوة الرابعة فيصفها الكتاب بأنها كانت نقطة تحول كبيرة في حياة المدمنين الذين تعافوا، لأنها تعتمد علي أن يقوم المدمن بعمل جرد لنفسه ولأخلاقه خلال فترة التعاطي، وتبدأ حالة الجرد هذه بكتابة ما يراه المدمن في نفسه بكل صدق، ولكن دون جلد للذات فلابد أن يظهر المدمن في ذاته بعض النقاط الإيجابية حتي تكون دافعاً له في مشروع التعافي. الخطوة الخامسة بعد ذلك تتعلق باستكمال الخطوة الرابعة بعد عرض المدمن ذاته علي الورق، حيث يبدأ بحصر مشكلاته ومحاصرة هذا الجزء المخزي من ماضيه، شريطة أن لا يلقي بهذه المكاشفات في احد الأدراج، فهذه العيوب تنمو في الظلام فقط، لكن الضوء يقتلها. وخلال الخطوة الخامسة لابد أن يختار المدمن شخصا من الخارج او عضواً من اعضاء الزمالة " رسبونسر " حتي يتابع تنفيذ الخطوة الرابعة والخامسة، فعندما يسرد المدمن تجربته ويعرضها علي الورق علي آخرين، يكتشف كل من القارئ والمستمع انهما لم يكونا أفراداً في عالم معزول.
الخطوة السادسة هي التي يقوم بها المدمن حين يتخلص جزئيا من بعض عيوبه، فلابد أن يواجه المدمن مشكلاته بقلب منفتح، دون أن يضع لنفسه توقعات كبيرة عن تجاوزه لهذه المشكلات حتي لا يصدم من نتائج الخطوات السابقة. لذا نجد أن الخطوة السابعة تعتمد علي طلب العون من الله او طلب العون من بعض اعضاء الزمالة دون التكبر علي ذاتنا وأمكاناتنا.
الخطوة الثامنة تحتاج من المدمن مكاشفة اكثر، لأنه يقوم بعمل قائمة بالأشخاص الذين ألحق بهم الأذي خلال رحلة ادمانه وأصبح قادراً علي تقديم اعتذارات وتقديم العون لهم خلال المرحلة المقبلة من حياته، فمن المفترض أن يتخلص الفرد من عقدة الذنب التي تطارده اثناء التفكير في أهله واصدقائه ومحبيه. وهذا ما تستكمله الخطوة الثامنة.
الخطوتان العاشرة والحادية عشرة تتحدد أن في مراجعة عمليات الجرد التي يقوم بها المدمن لنفسه ولاعترافاته السابقة حتي يجد نفسه خفيفا وكأنه غسل روحه مع ضرورة تأمل كل ما فات عليه من مراحل. اما الخطوة النهائية في هذه الرحلة فهي تحقق صحوة روحية نتيجة تطبيق الخطوات السابقة. وهذه الصحوة تتخذ اشكالا متعددة.
أما مصادر تمويل خطط زمالة المدمنين المجهولين، فهي تعتمد علي الموارد الذاتية للأعضاء الذين يحضرون الجلسات، ففي كل جلسة يتم وضع صندوق بين المجتمعين، كي يضع فيه الحاضرون ما يقدرون عليه، وفي النهاية يجمع مسئول اليوم هذه الأموال ليوردها إلي " ضمير المجموعة" والذي يضم عدداً من الأفراد الذين الذين يرون في انفسهم القدرة علي ادارة شئون المجموعات المالية، ويعقد " ضمير المجموعة " اجتماعا كل فترة يسمي " بيزنس ميتنج " لعرض النقود الواردة من خلال الجلسات كما توضع خطة الصرف علي انشطة الزمالة المختلفة مثل تأجير الغرف وطباعة الجداول والكتيبات، بإلاضافة إلي الكتاب السنوي الذي يعتبر الدستور الأساسي لزمالة المدمنين المجهولين.
المصدر: علاج الادمان
0 التعليقات:
إرسال تعليق